<p>تحدثت في آخر مقال عن قطار الشرق السريع الذي كان يقطع القارة الأوروبية من باريس حتى اسطنبول طوال تسعة وتسعين عاماً.. وقلت إنه كان مزيجاً من المغامرة والرومانسية وسحر الاستكشاف وموقعاً لكثير من الروايات والأفلام قبل توقفه نهائيا عام 1977...</p>
<p>في نهاية المقال قلت إن الذهاب إلى اسطنبول عبر محطة قطار المدينة المنورة كان من خيالات الطفولة (رغم علمي باستحالة تحققها بسبب توقف العمل بهذا الخط منذ الحرب العالمية الأولى).. ومع هذا كنت أتصور وصولي إلى اسطنبول بواسطة القطار، ومن هناك أستقل قطار الشرق السريع إلى أعماق القارة الأوروبية (الذي قرأت عنه لأول مرة في رواية بوليسية تحمل نفس العنوان لأجاثا كريستي)...</p>
<p>لم أنس أبداً هذه الخطة لأنني أتذكرها كلما مررت قرب محطة قطارات المدينة (التي تحولت اليوم إلى متحف يتضمن قطارات متوقفة من مئة عام وأكثر).. وكي نفهم الفكرة جيداً دعونا نعود إلى عام 1900 حين عرض عزت باشا هذا المقترح على السلطان عبدالحميد فتحمس له بشدة.. ولتمويل هذا المشروع (الذي يبلغ طوله 1710 كلم بين اسطنبول ومكة المكرمة) أعلن عبدالحميد عن إنشاء وقف خاص افتتحه بتبرع شخصي منه بلغ 320 ألف ليرة.. كما تبرع بعده شاه إيران، وخديوي مصر، وسلطان المغرب، وملك ألبانيا، ووالي الشام، وإمام اليمن.. ولتلافي مشكلة قطاع الطرق تم تكليف الجيش العثماني الرابع ببناء الخط وعمل نقاط حراسة على مسافات معينة!!</p>
<p>وبعد ثماني سنوات من العمل وصلت أول رحلة الى المدينة المنورة في الثامن من أغسطس 1908.. وكانت مناسبة عظيمة فرح بها حجاج الشام ومصر وتركيا وإيران.. فقبل إنشاء الخط كانت القوافل تحتاج إلى ثمانية أشهر لقطع المسافة بين استانبول ومكة؛ ولكن أول رحلة الى المدينة لم تتطلب أكثر من يومين و7 ساعات فقط!!</p>
<p>وكانت المرحلة الثانية من المشروع تقتضي مد الخط إلى مكة المكرمة، ثم إلى اليمن في المرحلة الثالثة.. إلا أن الشريف حسين عارض الفكرة بحجة ان الخط الواصل بين المدينة ومكة سيقطع أرزاق الجمالة (ممن يحملون الحجاج بين المدينتين).. وحين بدأت أعمال المرحلة الثانية بدأت الاضطرابات ونُهبت المخازن ناهيك عن قتل الجمالة لمئة جندي فقرر السلطان تأجيل العمل بخط مكة حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى!!</p>
<p>ومن المحزن أن هذا المشروع على ضخامته وتكلفته العالية لم يستعمل إلا لست سنوات فقط؛ فمع قيام الحرب العالمية الأولى عمد أتباع الثورة العربية في الحجاز إلى نزع القضبان الحديدية لقطع الإمدادات العسكرية من تركيا. وقد شجعت بريطانيا (بقيادة لورنس العرب) هذه الممارسات لأن الخط كان ينافس قناة السويس ويقوي قبضة الأتراك على الحجاز.. وبعد انتهاء الحرب انهارت الدولة العثمانية وتوقف الخط نهائياً وأغلقت محطة المدينة في حين ماتزال توأمها في دمشق تعمل حتى اليوم!!</p>
<p>... على أي حال رغم أن الأعراب سرقوا معظم القضبان إلا أن أساسات الخط (وما يتضمنه من جسور ومعابر وردميات) ماتزال بحالة جيدة ولا تتطلب غير مد قضبان جديدة فوقها.. ومن وجهة نظري المتواضعة أرى أن الجدوى الاقتصادية لإعادة تشغيله الآن أكثر كفاءة من أيام الإمبراطورية العثمانية.. فبالإضافة إلى ارتفاع نسبة حجاج البر فإن أساساته شبة جاهزة ووصوله إلى شمال السعودية يعني ارتباطه بالوصلات الفرعية لخطوط الشام وإيران ومصر والمغرب العربي.. أما وصوله إلى اسطنبول فيعني الوصول لكامل الشبكة الأوروبية وبالتالي تخيل قطاراً فخماً وأطول من قطار الشرق السريع يبدأ من مكة والمدينة، وينتهي بباريس ولندن!</p>
<p> </p>
موجز الأخبار
- السبت _15 _ديسمبر _2018AH 15-12-2018AD “بر المسارحة” تودع المبالغ الخاصة بالأيتام والأرامل في حساباتهم
- الأحد _16 _سبتمبر _2018AH 16-9-2018AD الجمعية الأهلية بالمسارحة توزع 300 حقيبة مدرسية على مستحقيها
- الجمعة _18 _مايو _2018AH 18-5-2018AD “بر المسارحة” تودع 72,900 الف ريالاً بحسابات الأيتام والأرامل
- الأربعاء _31 _يناير _2018AH 31-1-2018AD “بر المسارحة” تودع مبلغ 36150 الف ريالاً بحسابات الأيتام والأرامل
- الثلاثاء _8 _أغسطس _2017AH 8-8-2017AD د. الغفيص: تمكين القطاع غير الربحي يهدف إلى رفع المساهمة في الناتج الإجمالي المحلي
- الأربعاء _17 _مايو _2017AH 17-5-2017AD خدمة “وصال” للوصول إلى المتعففين تتلقى 3174 طلبًا من الذكور و1733 من الإناث
- الأثنين _15 _مايو _2017AH 15-5-2017AD د.علي الغفيص يدشن البوابة الإلكترونية الموحدة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية بحلتها الجديدة
- الأحد _7 _مايو _2017AH 7-5-2017AD جمعية البر بأحد المسارحة تستعد لتنفيذ مشروع ” إفطار أسرة “خلال شهر رمضان
- الخميس _4 _مايو _2017AH 4-5-2017AD التقرير السنوي1437هـ
- السبت _29 _أبريل _2017AH 29-4-2017AD “العمل والتنمية الاجتماعية”: 7825 مستفيداً من خدمات 38 مركزاً للتأهيل الشامل
المقالات > قطار مكة لندن
قطار مكة لندن
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ahad-masarha-ber.org.sa/articles/4406/